Saturday, September 17, 2011

دراسات سينمائية


الطبلة


وجهان لكارت البنت في الكوتشينة: الأم و الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطبلة و الصراخ أيضا - رمز بدائي للتعبير

و إيقاف النمو يعد احتجاجا علي الواقع..

بيانات الفيلم:
تاريخ الأنتاج:١٩٧٩
سيناريو : جان كلود كارير، فرانز سايتز، فولكر شلوندروف
قصة: جونتر جراس
إخراج: فولكر شلوندروف
زمن العرض: ١٤٤ ق
تمثيل: أنجيلا وينكلر، ماريو أدوف، ديفيد بننت، شارل أزنافور
عندما عرض فيلم "الطبلة" عام  1979 فى مهرجان "كان" تحمس له النقاد والجمهور على السواء، واعتبرة النقاد من روائع السينما العالمية. وقد حصل الفيلم على جائزة السعفة الذهبية مناصفة مع فيلم " نهاية العالم الآن" لكوبولا. ومع مرور عشرين  عاماً على عرض الفيلم فى "كان"، كان من المناسب ان تعاد قراءتة مرة أخرى من خلال الربط بين الجانبين النفسى والسياسى للفيلم، وكيف عبر المخرج عن ذلك باستخدام اللغة السينمائية .
أوسكار
يدور الفيلم حول الفتى اوسكار الذى يروى قصتة، وكيف قرر ان يوقف نموة فى عيد ميلادة الثالث احتجاجاً على ما يحدث حوله ، ثم قرر ان ينمو مرة أخرى بعد بلوغة من العمرعشرين عاما، وإنتهاء الحرب العالمية الثانية، وبالتالى، فإن معلوماتنا ورؤيتنا للأشياء فى هذا الفيلم ناتجة عن رؤية اوسكار للأشياء ومعرفته بها.
فأغلب اللقطات مأخوذة من زاوية منخفضة موازية لمستوى نظر أوسكار بالأضافة إلى تحديد الألوان فى بعض المشاهد ، مثل مشهد لقاء الجدة بالجد، ومشهد جنازة أجنس، وأيضا المؤثرات الصوتية والموسيقى التى نسمعها والتى تلخص بشكل قوى وجهه نظره فيما يراه وآراءة عن العلاقات الموجودة فى الفيلم.
وبما ان أوسكار يروى قصتة بعد أن عاد ينمو مرة أخرى، فالفيلم كله "فلاش باك" ، والسرد الروائى بالفيلم اخذ شكل دائرى مغلق كالآتى " أ ب جـ ب أ "
أ – لقطة لسيدة فى حقل البطاطس " الجدة"
ب – قرار أوسكر أن يوقف نموة
جـ - فترة توقف نمو أوسكار
ب ـ قرار أوسكار ان ينمو مرة أخرى
أ- لقطة السيدة فى حقل البطاطس .
 ويحتوى فيلم "الطبلة" على أحداث خاصة بعائلة أوسكار، وأحداث عامة تتعلق بالمجتمع الدولى فى الحرب العالمية الثانية ، وسنبدأ بتحليل الشخصيات والأحداث التى تمر بها على المستوى الخاص، ثم نربطها بالمستوى العام، فهما وجهان لعملة واحدة.

التحليل النفسى للشخصيات :
الجدة والجد
يوسف كولشافك يجري نحو الجدة
يختار أوسكار ان يسرد قصتة منذ اللحظة الأولى التى تمت فيها عملية الأتصال الجنسى بين يوسف وآنا برونسكى والتى كانت سبباً طبيعيا فى ميلاد أجنس والدة اوسكار.
يوسف كولشافك الجد ، رجل قصير عريض المنكبين هارب من العدالة بسبب ولعهُ بحرق الممتلكات العامة .

الجدة تخبئ يوسف كولشافك
الشرطة تسأل عن يوسف
ويؤكد المخرج على صغر حجمه مقارنة بآنا برونسكى الجدة من خلال استخدامه العدسة الواسعة، فآنا فى المقدمة تملأ أغلبية الكادر بينما- يظهر كولشافك صغيراً نسبيا فى الخلف. وفى لقطة أخرى نرى آنا من زاوية منخفضة وهى ترفع تنورتها وتقف لتتيح ليوسف الاختباء تحتها فنراها بحجم ضخم مما يؤكد أنها أكبر حجما منه ، وإذا اخذنا فرق الحجم للدلالة على قوة الشخصية ، نستطيع ان نأخذ الوضع الجسدى للجد والجدة للدلالة على سيطرة الشخصية فآنا
الجدة و يوسف مختبئ تحتها
بورنسكى فى الوضع المسيطر فهى تجلس فوقة ونرى انها متلذذة بهذا الوضع خلال الاتصال
الجنسى من خلال تعبيرات وجهها وصراخها وتحول كل شىء من حولها الى رموز جنسية " البطاطس الساخنة – غرز السونكى فى البطاطس – الجنديان وكل منهما يشهر السونكى نحو الجدة " .


وهنا أود ان أشير إلى نقطة هامة ، وهى ان الجدة أثيرت بفكرة وجود أكثر من رجل واحد فى

لحظة الاتصال الجنسى ،وعلى مستوى اللاوعى كانت ترغب فى اتصالهم بها جنسيا ولكن هذه الفكرة بقيت مكبوتة عند آنا  برونسكى ، لان الجانب الاكبر من حياة الجدة هو الأمومة. فتنورة آنا ، والتى نستطيع ان نعتبرها إمتداداً للرحم ، تُعتبر مكاناً للاحتماء من العالم الخارجى وليس مكانا لممارسة الجنس فقط، فقد كان هدف يوسف كولشافك الاختباء من العالم الخارجى ولكن
الامر تطور الى ممارسة الجنس.




أجنس :
أجنس و خلفها يون

توحدت أجنس مع الجدة فى رغبتها الجنسية المكبوتة ، ولكنها استطاعت ان تظهر النوازع الجنسية الدفينة فى الجدة فى شخصيتها ، فقد  أطلقت الأم "أجنس"  العنان لشهواتها بدون النظر الى العواقب الوخيمة التى يمكن ان تحدث جراء ذلك .
لقد حولت رغبت الجدة فى وجود أكثر من رجل في حياتها إلى حقيقة ملموسة. فقد تزوجت ألفريد الألمانى الأصل وأبقت على علاقتها بخالها يون برونسكى . نجد ايضاُ ان أجنس توحدت مع الأم فى قوة الشخصية والسيطرة. فهى – مقارنة بعشيقها يون برونسكى – قوية البنيان ، ونجدها فى الوضع المسيطر أثناء الممارسة الجنسية فى الفندق وتكاد تكون هى الطرف الإيجابى فى الاتصال الجنسى.
رأس الحصان ملئ بالثعابين
وكنتيجة لهذا الشبق الجنسى عند اجنس، نجد مظاهر الأمومة متقلصة تقريبا عندها على عكس جدتها . لم تدرك أجنس مشكلتها إلا عندما رأت رأس الحصان  الميت على الشاطىء وفمة ملىء بالثعابين ، فقد شعرت بأن  هذا الحصان يمثلها والثعابين تمثل أعضاء الذكورة. فهى لا تكتفى برجل واحد إنما برجلين، ونتيجة شبقها ، ستموت كهذا الحصان.
أجنس تتقيأ من منظر رأس الحصان
تتقيأ الام، وتنفعل بشدة عندما ترى رأس الحصان. يهدىء يون برونسكى من روعها ويداعبها جنسيا. ويجمع ألفريد عدد ضخم من الثعابين، التى تزيد من القدرة الجنسية ، ليقدمها لها ، فهو يعلم بعلاقتها بيون برونسكى ، وبالتالى يشعر بعجزة عن اشباعها
.
يون يداعب أجنس و ألفريد مهتم بالتعابين
ويوضح عدم قدرته على منع من مداعبتها جنسيا وعدم تمكنها من منع ألفريد من جمع الثعابين أن فكرة الجنس مسيطرة عليها تماما .
وعندما ننتقل إلى المشهد التالى ، نرى الفريد يحضر الثعابين للغداء  ، وتتلوى الاخيرة فى إشارة للعضو الذكرى. ترفض أجنس بشدة أن تأكل الثعابين ، وتدخل الى غرفتها فى حالة انهيار وتدعو الله ان ينقذها من محنتها. ثم يدخل يون الى غرفتها ويداعبها جنسيا فلا تقوى على مقاومته.  ثم تخرج بعد ذلك لتأكل من ثعابين البحر
.

شارل أزنافور في دور التاجر اليهودي
تحاول أجنس ان تحل مشكلتها فتستثيرماركوس أولا ، تاجر اللعب اليهودى الذى ينصحها ان تبقى مع ألفريد وتبعد عن يون. ثم تذهب للاعتراف للقسيس فى الكنسية وتحاول أن تجد حلا لمشكلتها مع يون و ألفريد، خاصة أنها حامل ولا تعرف من هو الأب ، ولكنه لا يفيدها بشىء ويقول لها عليك بالصلاة، عليك بالصلاة - يظهر اوسكار عجز الكنسية على مستوى رمزى عندما يلعب مع تمثال المسيح ويطلب من التمثال أن يدافع عن نفسة .
أوسكار و هو يلعب مع تمثال المسيح
لقد وصلت أجنس الى مرحلة فقدان الامل فى مشكلتها وسيطر عليها إكتئاب شديد . وانتابتها
رغبة فى تدمير ذاتها ، لتبدأ فى أكل كميات هائلة من السمك مما يؤدى إلى وافتها فى النهاية ، وتكون نهايتها شديدة الشبة برأس الحصان الميت.

ألفريد ويون :

يون و هو في مكتب البريد
يون و هو صغير
ألفريد ضعيف الشخصية ، غير قادر على نفى الاتهام الذى وجهه إليه بأنه السبب الرئيسى فى عدم نمو أوسكار وهو برىء من هذا الاتهام.  ألفريد غير قادر أيضا على إشباع امرأته جنسيا، ولذلك يبقى على يون . بينما يون على نقيض ألفريد ملىء بالحيوية والقدرة الجنسية العالية ، وسيم يقترب شكله من الفتيات  إلا أنه ليس شجاعاُ ، فنراه وهو صغير يصم اذنية عندما يطلقون الرصاص على يوسف كولشافك ومرة أخرى عندما يهاجم الالمان
مكتب البريد البولندى .
أوسكار :
أوسكار
يرث أوسكار حب التدمير والاحتماء من العالم الخارجى .. من جده يوسف كولشافك. فهذا الشعور متأصل عند أوسكار منذ أن خرج من الرحم،  وعندما سمع الأم تقول إنها ستأتى له بطبلة ، يعلق : " مجرد تخيل الطبلة منعنى من التعبير عن رغبتى بشكل قوى عن رغبتى فى العودة الى الرحم مرة اخرى، خصوصا بعد أن قطع الحبل السرى ولم يعد هناك شىء يمكن عمله " .
فأوسكار يريد العودة الى الرحم،  ويعبر عن ذلك بمحاولة الأختباء تحت تنورة الجدة. بل أنه يغار من جنين ميت داخل إناء – فيصرخ نحو الإناء ليتحطم، ويسقط الجنين على الارض. فأوسكار يتمتع عندما يحطم الاشياء ويعتبر ذلك بديلا لخروجه من الرحم. ولكن على الرغم من عدوانية أوسكار نحو العالم الخارجى الذى رآه مقلوباً معكوسأ عندما خرج الى العالم، فهو يريد ان يخرج ما هو جميل فى النفس البشرية،  وذلك فى مشهد الاحتفال النازى الذى يتحول الى حفل فالس بسبب قرع أوسكار على الطبلة

أوسكار ونسبه:
ألفريد في مقدمة الكادر
معرفة نسب أوسكار من جهه الأب محاولة صعبة ويجب ان نكون حريصين فيها فقد يكون من الافضل ان نقتنع بكلام أوسكار " إن الرجلين برغم اختلافهما ، وبرغم تشابه مشاعرهما  نحو أمى، فهما يحبان بعضهما،  ومن خلال هذه الوحدة الثلاثية أتو بى إلى هذا العالم."
ولكن الجدير بالذكر أن نقول إن هناك دلائل تؤكد إلى حد كبير نسب أوسكار الى يون برونسكى، فقبل ميلاد اوسكار  ، عندما نتعرف على العلاقة الغرامية بين يون واجنس، نستمع إلى اللحن الأساسى الخاص بحبهما وعندما ولد اوسكار ، ودخل يون والفريد الى غرفة أجنس تتحدث الاخيرة إلى يون ونستمع إلى نفس اللحن.
 ثم يعود اللحن مرة أخرى عندما يخرج اوسكان مع أجنس ويون، ويصبح اللحن أكثر مرحاُ وطفولة ليشمل أوسكار الذى يتوسطهما.
ومع ذلك يجب ان نحتفظ بألفريد كأب لأوسكار ولو على المستوى النفسى فقط فهو يمثل سلطة الاب بالنسبة له، وذلك سيساعدنا على التحليل كثيراُ.
أوسكار وعقدة أوديب:
أوسكار ينظر بضيق نحو أمه و يون
يون و أأجنس في حالة إندماج

 فى اعتقادى إذا فسرنا مشكلة أوسكار على أساس عقدة اوديب،  فقد نجد تفسيرا مناسباً لتصرفاتة تجاة أجنس ويون وألفريد. فأوسكار كأى طفل يعتبر أنه جزء من أمه، ويعتقد أنها له فقط. وبالتالى عندما وجد أوسكار يون برونسكى يداعب أمه جنسياً، غار منه ونظر إلى أمه ويون بكراهية وأمسك عصى الطبلة ووجهها نحوهما كشكل ضمنى للرغبة فى الانتقام منهما. وعندما رأى يون يداعب أعضاء أمه التناسلية بساقه  " يعتبر أوسكار هذا الجزء خاصاً
أجنس غير قادرة علي التوقف عن أكل السمك

به،  فهو كان موجوداً فى الرحم قبل ولادتة"، قرر بعدها أن يوقف نموه كنوع من الاحتجاج وإثارة انتباه أمه نحوه، ولكن هذا لم يجدى .واستمر يرى ما يحدث بين يون وأمه أجنس . وقد احست الأم أنه يعرف هذه العلاقة عندما صعد البرج وأخد يصرخ  ويقرع الطبلة، فنجدها مرتبكة وهى عائدة. وعندما تموت أجنس من أكل السمك، يحس أوسكار بعقدة الذنب ويحس
أوسكار يحتمي بتنورة جدته عند وفاة والدته
بالضياع الشديد وعدم الأمان بعد موت أمه، ويلجأ للجدة كبديل ليحتمى بتنورتها من شر العالم

الخارجى ثم قاد يون إلى الموت بشكل مستترعندما دفعة إلى أن يجرى ورائه إلى مكتب البريد البولندى المحاصر ليقبض عليه الألمان ويتم إعدامه
.
ماريا
بعد ذلك تدخل ماريا حياة أوسكار فى سن المراهقة وتتطور علاقتة معها من فتاة ترعاه ، إلى ممارسة الجنس معها.

فمن جاءت كبديل لأمه، استطاع أن يطور علاقته بها كما كان يتمنى ان تتطور مع أمه، ولكن صدم عندما وجد أباه ألفريد يمارس الجنس معها ثم يتزوجها وتنجب منه طفلاً ( يشك
أوسكار يرمي الطبلة في قبر والده ألفريد
أوسكار انه أبنه) ، فنرى عقدة أوديب تظهر مرة اخرى، الابن يتمنى قتل الأب ليحل محله ، وينفذ ذلك بأن يشبك شعار النازى فى يد ألفريد والذى يحاول التخلص من الشعار ، فيقتلة جندى روسى. وعندما يموت الاب ويدفن،  يفكر أوسكار مرة أخرى أن يكبر بعد أن أصبح المكان فارغاً، وأصبح قادرا على احتلال مكان الأب.

أوسكار ممثل النظام المعارض لما يحدث فى العالم والنظام المعارض للنازى بصفة خاصة. فقراره
أوسكار و مجموعة الأطفال
بعد النمو  له علاقة بذلك، وهو امتداد لعدم رغبتة فى الخروج من الرحم إلي العالم الخارجى. ولكن وجد عزائه في طبلته التى تعبر عنه بشكل قوى ، واحتفظ بحق التعبير  بأنه إذا حاول أحدهم أن يأخذ الطبلة منه، يصرخ فيحطم الأشياء الثمينة ويتلذذ بتحطيمها، فالطبلة والصراخ ليسا أكثر من رمز من رموز التعبير البدائية التى احتفظ بها أوسكار بشكل مواز لعدم نموه. فى نفس الوقت
طابور الأطفال يعترض الطابور النازي

نجد ان الأنظمة المعادية للنظام النازى أنظمة غير ناضجة، فالانظمة المعارضة فى الفيلم تتلخص فى البولنديين، وهم عاجزون عن صد الألمان، ثم نري أوسكار وهو يقود مجموعة من الأطفال الذين يغنون أغنية الساحرة ويعترضون  طابور الشباب النازى ولكنهم ينضمون  إلى النظام النازى بعد فترة وجيزة، ويبتعد أوسكار عنهم. وينضم إلى فرقة بيربى للأقزام وهى فرقة معارضة للنظام ولكن بشكل مستتر، فبيربى ينصح أوسكار بأن يعرض موهبته ويقول له إننا يجب
أوسكار و خلفه الأقزام
ان ندير العرض الأن لأن الأخرون قادمون ( النازيونوسوف يدمروننا. فالأقزام يمثلون نظاما معارضا ولكنه نظام أكثر ذكاء، فهو يسيطر على عقول النازيين  من خلال التسلية، وينضم إليهم أوسكار ويربط المخرج بينهم وبين الأطفال عندما كانوا مع اوسكار يغنون أغنية الساحرة. فنجد الأقزام يغنون هذه الاغنية وأوسكار معهم.
الجدة مازالت في مكانها في نهاية الفيلم
فأوسكار يمثل جيلاً لا ينتمى الى مكان أو فكر، فدنزج مكان ليست له صفة واضحة. و كما تقول الجدة" بما ان الكاشيبيات ليسو بألمان بولنديين، سيستمر الحال على ذلك، وعندما تنتهى الحرب  يرحل أوسكار مع مارية الى مكان لا نعلمة، بينما تبقى الجدة التى تمثل الارض والتاريخ.
مستوى الاحداث العامة:

دنزج كما نعلم من الفيلم ولاية حصلت على استقلالها بعد الحرب العالمية الأولى، و لكن مع صعود الحزب النازى بقيادة هتلر، أصبحت فكرة ضم دنزج، التى يوجد بها مواطنون ألمان بالإضافة إلى البولنديين و الكاشيبيات – وهم المواطنون الأصليون مثل الجدة والأم ؛ فكرة واردة
الأم و الجدة ينظران نحو يون و ألفريد
تم تنفيذها بالفعل وكانت بداية الحرب العاليمة الثانية. فهناك ثلاث أطراف رئيسية موجودة فى قضية دنزج ، هى دنزج نفسها وألمانيا وبولندا  وقد جسدت هذه الأطراف الثلاثة شخصيات فى الفيلم هى على التوالى أجنس و الفريد ويون. و بالنسبة لأجنس فالجدة واوسكار امتداد لها .فالجدة التى تمثل الفترة الواقعة قبل الحرب العالمية ، لديها الرغبة في أن يخطب ودها أكثر من شخص، ولكن كان هذا على مستوى اللاوعى فقط. أما أجنس،
أجنس تتأبط ذراع ألفريد بينما تمسك بيد يون !
فهى تقول لجدتها وهى تنظر إلى يون وألفريد بعد الحرب العالمية الأولى، انها لا تعرف أيهما تحب  : وتقول الجدة ستعرفين  ثم تذهب أجنس بجانب ألفريد وتتأبط ذراعه وتمد يدها الأخرى من الخلف لتمسك بيد يون عشيقها القديم الذى ظهر فى حياتها قبل ألفريد. 
وهنا ترى أن دنزج كولاية لم تحاول أن تكتفى بإحدى الدولتين، إنما رغبت فى كل منهما مما أدى الى أن تحمل بطفل ( اوسكار) ، يصل إلى ثلاث سنوات فيقرر ان يوقف نموه إحتجاجا على أمه ( دنزج) لعدم اهتمامها به وانشغالها بيون برونسكى البولندى، فدنزج لاهيه عن أبنائها وغير قادرة على رعايتهم وتنشئتهم.
أجنس تندفع فى رغبتها الجنسية الى مدى بعيد مما يجعل الفريد ينضم الى الحزب النازى، حزب القوة والسيطرة ، ليشبع إحساسة بالقوة والسيطرة، وفى نفس الوقت ليكون ذلك محاولة للسيطرة على زوجته أو على دنزج.

وفى مشهد الشاطىء، نجد أن كلا من يون وألفريد يحاول أن يشبعها جنسيا أو بمعنى أخر كل من
يون في لحظة أعدامه ينظر إلينا
بولندا وألمانيا  تحاول خطب ود دنزج ، و فى نفس الوقت هى رأت مستقبلها فى رأس الحصان الميت وفمه ملىء بالثعابين وتستمر فى الانهيار بعد ذلك حتى تموت من كثرة أكل السمك. ثم نرى مدينة دنزج تسقط فى يد الالمان من خلال مشهد مكتب البريد الذى نرى فيه يون

التى عشقها برونسكى يصرخ وينادى أجنس،  فهى المرأة وهى
يون يكشف ورقة الكوتشينة
المدينة التى يرغب فيها.
ويتلخص حبه هذا فى كارت الكوتشينة الذى يبقى فى يدة كارت البنت ومكتوب عليه D  فحرف D  مقابل للحرف الأول  من كلمة دنزج  وهى كلمة امرأة بالالمانية ، فى نفس الوقت كما هو معلوم فى الكوتشينة، ففى كل صورة يتكرر الوجه مرتين؛  مرة أجنس المرأة ومرة دنزج الوطن.

نشرت هذه المقالة في أغسطس ١٩٩٩ بمجلة الفن السابع

Friday, September 16, 2011

ليالينا أجمل من أيامكم: هل من الضرورى ان تجرح الآخر لكى تحبه؟



أطروحة للفرنسى زولافسكى عن ماهية الحب واللغه





أندريه زولافسكي
اندرية زولافسكى كاتب ومفكر ايضاً ، فقد درس السينما والفسلفة معا ، لذا تتسم افلامة بطرح مشاكل فلسفية و فكرية عميقة ، وفى فيلم " ليالينا أجمل من أيامكم" – المأخوذة عن رواية بنفس الاسم  للأديب رافائل بيلاندو ومثلته  صوفى مارسو (بلانش) و جاك دوترونك ( لوكاس) انتج فى 1989 – يطرح مخرجه الفرنسى زولافسكى ماهيه الحب واللغة ، لكن قبل مناقشة الاطروحة الهامة ، نعرض بإختصار لملخص الفيلم .


جاك دوترونك- لوكاس
صوفي مارسو - بلانش
اخترع لوكاس عالم الكمبيوتر لغة عالمية للكمبيوتر ثم علم من طبيبه انه مريض بمرض قاتل يصيب المخ من اعراضة نسيان الكلمات ومعانيها يقع لوكاس فى حب إمراة متزوجة تدعى بلانش  تقرأ الغيب فى الملاهى الليلية بمساعدة زوجها ،وتبادلة الحب، لكنهما يجدان ان الامر قد جاء متاخرا، فلوكاس وبلاش يعانيان من ذكريات طفولة مريرة، حيث غرق والد الأول فى بحيرة، وكان والد الثانية يضرب والدتها بأستمرار دفعتها قسوة طفولتهما إلى البحث عن الحب والحنان، لكن خبرتها المؤلمة دلتهما على أن الحب ينطوى على جرح الطرف الأخر، فينتهى بهما الأمر إلى النزول الى البحر والموت فيه .

ما هية الحب:
مشاجرة بين رجل و أمرأة في لشارع
الزوجة تحتضن الزوج بعد أن ضربها
لكى نفهم ماهية الحب فى هذا الفيلم أو فى فكر مخرجه يجب أن نبدأ بالشخصيتين الرئيسيتين، لوكاس وبلانش، اللذين كونا فكرتهما عن الحب من خلال ذكريات الطفولة ومشاهدتهما وتجاربهما فى الحياة، نرى ذلك من أول حادثة امامهما اثناء جلوسهما على المقهى فى الشارع، حيث يشاهدان رجلا يضرب امراة ضربا مبرحا و مهينا  للغاية، تحتضنه بعدها المرأة وهى تبكى وتقول له: ((احبك!!!)) ويبدو عليهما الشقاء والتعاسة. تعلق بلانش فى البداية بأن هذه المراة مسكينة، ثم تقول للوكاس بفرح عندما تقول المرأة للرجل أحبك:  ((أرأيت؟)) ولم تكن قد تعرفت علية بعد، لكنة اهتم أيضا بالحادثة بأن وضع يدية أمام عينية فى شكل برواز يرى من خلالة الحادثة ففى
الدقائق العشر الاولى من الفيلم يلخص لنا المخرج رؤيته عن الحب الذى يتضمن – من وجهة نظرة – جرح المحب للمحبوب والعكس صحيح. فما هى الذكريات والتجارب التى تدعم هذة الفكرة عن الحب عند لوكاس وبلانش ؟

بلانش أثناء تنويمها مغناطيسيا
جاك دوترونك - لوكاس
يتذكر لوكاس على مدار الفيلم حادثة والديه، فعندما كان صغيرا، خنق والده والدته فى البحيرة حيث كانت تعبث مع صديق لها. وقد غرق والده معها. وكان لوكاس فى ذلك الوقت واقفا على شاطئ البحيرة يراقب ما يحدث امامة ومعه دميتة التى على شكل ارنب صغير، بينما كانت بلانش تتذكر كلما نومها زوجها مغناطيسيا اثناء العرض، كيف كان والدها يعامل والدتها بعنف و قسوة، هنا نفهم لماذا اهتم لوكاس وعلى الاخص بلانش بحادثة الرجل والمرأة فى الشارع، والتى تعتبر صورة مكررة لما كان يحدث بين والد بلانش ووالدتها.

السيدة علي الشاطئ تحتضن بلانش
بلانش و أمها
هذة الظروف التى مر بها كل من لوكاس وبلانش جعلتهما يفتقدان معانى الامومة والحب والحنان. وقد اظهرت بلانش هذا الاحتياج عندما كانت تبكى على الشاطئ، وذهبت إليها السيدة لتهدئها، فقبلت بلانش يدها، واحتضنتها السيدة . وعندما تذهب بلانش الى والدتها فى غرفة النوم، تجد صديق لوكاس يضاجعها، فتجلس بلانش على الارض وتقول لأمها انك دائما هكذا، لاتكتثرين الا بشهواتك، ومازلت كذلك، هل كان ما رأيتة حقيقة ام خيال من عندى؟.

لوكاس و ذكريات البحيرة الأليمة

اما لوكاس، فالأمر عندة اكثر تعقيدا، فبالنسبة لبلانش على الاقل مازالت الام موجودة بجانبها، لكن فقدان لوكاس لأمه داخل البحيرة غرقا وهو طفل، حول ما كان موجودا وقت الحادث لدية الى رموز، فنجده يحتفظ بالأرنب الأزرق الصغير داخل حقيبته، وعندما يبدأ فى تذكر الحادث فى اول فلاش باك يقول: انا اسمى لوكاس بونيفيل، وعندى أرنب، لنكشف أن هذا الارنب كان معة
يوم الحادث، فقد سأل والده: هل يمكن ان يسبح أرنبى؟ وأثناء الحادث كان يردد أرنبى أرنبى


ويردد ذلك مرة أخرى عندما يضع الارنب على مائدة الافطار بعد ان تختلط عليه معانى الكلمات فيقول: ارنب دم ينزف فترمى بلانش الارنب. ويتذكر لوكاس والده وهو يخنق أمه فى البحيرة. لقد تركته والدته وحيدا على الشاطئ ونزلت الى البحيرة، مما ترك بداخله أثرا سيئا. ثم تتوالى
لوكاس و هو طفل
الاحداث بسرعة، ويغرق معهما ليصير فراقهما أبديا. حادثة والدية تمثل نموذجا لعلاقة الرجل بالمرأة، بالأضافة الى مستوى علاقته بوالديه الذين تركاه الى الابد، لذلك يشعر بالضيق عندما يعرف أن بلاش متزوجة، ويقول إنه يكره المتزوجين وكل اثنين متلازمين، إذ لابد يتنازل أحدهما مع الاخر. 


وعندما رأى زوج السيدة على شاطئ البحر يناديها بإسم أدريان، يقول لها : إسمك أدريان، اذهبى
مشهد الشاطئ
وأغرقى نفسك. ويتضح لنا فيما بعد ان والدتة كانت تسمى ادريان، إذا يقول : ارثر وأدريان، هذان كان اسميهما،ثم يلقى بزوج السرطان الى البحر ويقول: سوف ارميكما، وستاكلكما أسماك القرش واحدا تلو الاخر. ويتذكر والديه ميتين على الشاطئ وعندما كانت بلانش تستعطف السيدة، طلب منها لوكاس أن تغرق نفسها. فحب لوكاس لوالديه على الاخص – لايخلو من كراهيتهما، لأنهما تركاه، ويؤكد هذا مرة اخرى ان الحب يتضمن جرح المحب للمحبوب والعكس صحيح وتخلص بلانش فذه الفكرة عندما يمارسان الحب وتقول: لكى نحب يجب ان نجرح الاخر.

اما الماء، فقد تحول الى رمز للحب عند لوكاس. فقد مات فيه والده، ولا نغفل أن الحب يتضمن الخيانة والعنف، وكل ما يؤدى الى تحطمه، ولولا وجود الحب ما وجدت الخيانة. وفى مشهد الملهى الليلى يقول لوكاس لسيدة تعمل فى الملهى: الحب مستنقع نغرق فية. وفى نهاية  الفيلم يقرر لوكاس وبلانش الغرق فى البحر. وهناك ايضا دلالات أخرى مثل جلوس بلانش علي الشاطئ، حيث البحر هو منشأ الحب، لذلك نرى بلانش تجلس على شاطئ البحر وتبدا فى البكاء وفى المشهد الذى يعلق فية لوكاس على شكل ساقيها بأنهما كسيقان السباحين. ثمة إشارة الى تشبيهها بكائن بحرى اكثر منها كائن ارضى. وعندما يبدا المطر فى الانهمار ويذهبان الى الفندق، يجدان المشرفات يغلقن الغرف، فيقول لهن لوكاس: نحن لا نخاف المطر، اذهبن من هنا وقد استخدم الماء ايضا كرمز تقليدى للتطهير، فالقزم يمسح على وجه لوكاس، ومن ثم بدأ لوكاس فى التخيل.

وتأتى نهاية الفيلم كتطور منطقى لهذة الاحداث والرموز التى تؤدى الى الكشف عن نفسية البطلين، فلكى يحب البطلان بعضهما دون ان يؤذى احدهما الاخر، يجب ان يموتا، اى ان ينتقلا من الوجود الى العدم، وفى هذا تناقض لان الحب سينتهى بمجرد موتهما. ولكن هناك جملة للمترودوتيل تحل هذا التناقض حلا ميتافيزيقيا عندما يسأل لوكاس عن بلانش ماذا بها فيقول له: نائمة فيرد قائلا: لسنا كلنا نائمين فالوجود هنا مرحلة نحن فيها نائمون، وستحدث اليقظة فى مرحلة ما بعد الوجود، ضيف هذا بعد ميتافيزيقيا لفكرتة عن الوجود. كى نصل الى مرحلة ما بعد الوجود يجب ان نتخلص من كل شئ، فلوكاس يقول لبلانش سوف يغير الرجل المرأة فترد علية قائلة: لن تتغير يهجم عليها لوكاس ويمارس معها الجنس، او بمعنى اصح يغتصبها، فتقول له: يجب الا تفعل ذلك، يجب الا تجرح الصغير، وربما كانت تقصد الطفل الذى بداخله، ثم يجرى وراءها لوكاس ويشدها من شعرها ويخبط رأسها فى الحائط. لقد وجدا نفسيهما هنا امام حقيقة وجودية لن يستطيعا ان يتغلبا عليها، وبدا بالتالى فى الاستعداد للخروج منها، وذلك من خلال التخلى عن كل ما يمتلكانه، سواء من اشياء او افكار او رموز.

فلوكاس تخلى عن ارنبة والكمبيوتر والموتوسيكل، وبلانش تخلت عن شهرتها، والاهم من ذلك انهما فقدا اللغة والمعرفة، فالقزم يقول فى نهاية الفيلم: وسوف يدوران دورة كاملة، وتنسى بلانش كل شئ ويصبحان ابرياء وأطفالا مرة اخرى، وهنا تتم موازنة بين ما بعد الوجود والطفولة حيث تتساوى البراءة التى تنتج عن فقدان معانى الكلمات. مع ما بعد الوجود, فعندما كانت بلانش تؤدى نمرتها فى الملهى سألت: هل يوجد هنا شخص برئ كى اتحدث عنه؟ فتقف طفلة فوق مائدة ثم تقول بلانش: هل يجب ان نفقد معانى الكلمات حتة نصير ابرياء؟ ما بعد الوجود اذن شئ مشرق، وهو افضل من الوجود، لذا يأتى المشهد الاخير بعد شروق الشمس وقد غمرت الاضاءة كل المكان ويبدو المشهد غير واقعى فعندما يعطى لوكاس الموتوسيكل للقزم يسعد الاخير جدا ويقول: انها لعبة ويخاطب لوكاس قائلا: لقد مت منذ يومين ثم ينطلق بالموتوسيكل وهنا نرى ان البحر ليس رمزا للموت فالقزم لم يمت فى البحر لأنة لايجب احدا انما مات فية المحبون


ماهية اللغة:

تعتبر قضية اللغة فى الفيلم فى حقيقة الامر بمثابة الاطار العام لقضية الحب وللقضايا الاخرى التى تعرضنا اليها نتيجة لتعرضنا لقضية الحب مثل الوجود وما بعد الوجود والخيانة الخ. فاللغة ما هى الا نظام رمزى وكل كلمة رمز لشئ ما فى العالم سواء كان ماديا او نفسيا او فكريا ونحن لا نفهم معناها ولا نعية مالم تكن قد مرت بنا فى خبراتنا الحياتية سواء كانت خبرات عملية او من خلال القراءة وبالتالى، اذا مررنا بخبرة مؤلمة فى حياتنا، صارت الكلمات والاشياء مرتبطة بهذه الخبرة رموزا مؤلمة لنا مثل الارانب فى الفيلم ولذلك كان فقدان لوكاس وبلانش لمعلوماتهما حتميا حتى يعودا الى مرحلة البراءة التى لاتوجد الا فى فترة الطفولة او فى ما بعد الوجود.

ويمثل المخرج بين ذاكرة الانسان ولغتة وذاكرة الكمبيوتر ولغتة وبشكل غير مباشر لآعطاء صورة عامة للأنسان المعاصر فى هذا العالم، وليكشف عن خصوصية العلاقة بين لوكاس وبلانش فلوكاس يبدا بفقدان الكلمات ومعانيها بطريقة شبيهة بفقدان الكمبيوتر للمعلومات نتيجة وجود فيروس بداخلة ولكنة يوجد لغة عالمية مشتركة بين اجهزة الكمبيوتر وتنقلنا هاتان النقطتان الى عدة نقاط هامة

 ١-الاتصال

الاتصال بين الافراد هو احد الوظائف الاساسية للغة ومعانيها، ومرضه هذا يعزلة بالتالى عن بقية الافراد لكنة يظل قادرا على الاتصال بالكمبيوتر حتى اخر لحظة وتظهر شاشة التلفزيون المتصلة بالكبمبيوتر صورة البحر كأن الكمبيوتر يهديه حلا لحياتة المأساوية.

هذة الفكرة هى احدى القضايا الاساسية للأنسان المعاصر الذى فقد القدرة على الاتصال بالبشر، وصار باستطاعتة الاتصال بالألة بل جع للألة لغتها الخاصة ليمكنها من الاتصال بغيرها من الالات واصبح الانسان مرغما على استخدامها، وتظهر هذة الفكرة فى الحوار التالى:

زميل لوكاس يخبره بنجاحه في أختراع لغة
صديق لوكاس: كل اجهزة الكمبيوتر ستستخدم لغتك

-       لوكاس وهو يضع رأسة على المنضدة : وانا ايضا



٢-المعلومات


يحتاج انتاج المعلومات الى مدخلات بيانات ومعلومات ثم يلى ذلك مخرجات معلومات اولية او متقدمة وتتطابق هذة العملية فى خطوطها العريضة بين الكمبيوتر والانسان خاصة فى عالمنا المعاصر اما بلانش فقد اضافت فى الفيلم عنصرا ميتافيزيقيا لعملية انتاج المعلومات لذلك ينبهر بها لوكاس –عالم الكمبيوتر –
Add caption
Add caption
الذى يعتمد تفكيرة على الاسلوب العلمى الصارم فيقول لها فى الملهى: احتفظى بهذة الموهبة لى فاسلوبة العلمى صار غير صالح له نتيجة فقدان الكلمات ومعانيها واصبح هو فى حاجة الى قوة غيبية

فبلانش تختلف عن لوكاس فى اسلوب انتاج المعلومات لكنهما يشتركان فى انتاجها لذلك نجد لوكاس قرب نهاية الفيلم يلبس قبعة وقفازا ابيض كانة ساحر ويبدا فى العمل على الكمبيوتر – الاكثر دلالة على قراءة الغيب – اذا يقول لوكاس لبلانش عن العرض الذي تؤديه: هل هذه خدعة؟..الكمبيوتر يقدر علي فعل هذا

تحليل الفيلم من ناحية الشكل


أستخدام آخر للعدسة الواسعة
تدور أحداث الفيلم في زمن محدد هو خمسة أيام علي الأكثر، و في أماكن محدودة تتركز معظمها في الفندق أو الملهي الليلي ، و تقوم الحبكة علي أساس الشخصيات أكثر من القصة أو الأحداث، و هو نوع من الحبكة الغير محكمة، فالأحداث تتوالي دون أن تدفع بالحدث ألي الأمام، مثل مشهد الرجل و المرأة أمام المقهي، و مشهد العائلة علي الشاطئ، كما يعتمد أسلوب الفيلم السردي علي عدد من مشاهد الفلاش باك للكشف عن الحادثة، بل تظهر تأثيرها علي سلوك لوكاس و تفكيره، ، و هناك مشهد فلاش باك للكشف عن  طفولة بلانش المضطربة، و هي لا تنكرها إلا عندما يتم تنويمها مغناطيسيا.
و يضيف المخرج بعض الأبعاد الميتافيزيقية، مثل مشهد بلانش و زوجها في الغرفة عندما تعصف الرياح، و مشهد مماثل بين بلانش و لوكاس، و المشهد الأخير الذي يقول فيه القزم إنه مات منذ يومين.



أستخدام العدسة الواسعة

يستخدم المخرج إمكانية العدسة الواسعة إلي أقصي حد، فهي تستخدم عادة في الأفلام ذات الطابع النفسي، و عندما تستخدم من زاوية منخفضة تعطي أثرا مضاعفا. و قد وظف المخرج عمق مجال الكادر دائما سواء في عمل المونتاج داخل اللقطة الواحدة لإحداث مترابطة - مثل جلوس لوكاس علي المقعد في مقدمة الكادر مع وجود الكمبيوتر في خلفيته إلي اليمين، و التلفزيون إلي اليسار-أو عندما تهمس له العاملة بالملهي في أذنه أثناء مراقبتة لبلانش لإيجاد أكثر من
صديق لوكاس في الخلف علي السلالم
مستويين، أو قد يستخدمه لعرض أحداث غير مترابطة كلية، كنزول  صديق لوكاس من عند والدة بلانش، علي السلالم في خلفية الكادر، أثناء حديث لوكاس مع البارونة في الجزء الأمامي من الكادر، ثم نراهما معا بعد ذلك في مشهد علي الشاطئ.

و يحرك المخرج الممثلين حركة شديدة التعقيد، بالأضافة إلي حركة الكاميرا، و حوار الممثلين السريع و اللاهث و شديد الأنفعال علي شريط الصوت، و كلها خصائص تذكرنا ببعض خصائص سينما أورسون ويلز و يوسف شاهين.

أما مستوي الحوار الذي كتب للوكاس بشكل يماثل تماما لشخص يفقد معاني الكلمات و لم يجعلها معلومة نحصل عليها في بداية الفيلم، فقد كان شديد الرقي، و يذكرنا بأفلام آلان رينيه مثل "هيروشيما حبي أنا" و " العام الأخير من مارينباد" ذلك لأن كاتبي سيناريوهات أفلام رينيه كانوا أدباء، و فيلم زولافسكي هذا مأخوذ هو الأخر عن نص أدبي
 .