وجهان لكارت البنت في الكوتشينة: الأم و الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطبلة و الصراخ أيضا - رمز بدائي للتعبير
و إيقاف النمو يعد احتجاجا علي الواقع..
بيانات الفيلم:
تاريخ الأنتاج:١٩٧٩
سيناريو : جان كلود كارير، فرانز سايتز، فولكر شلوندروف
قصة: جونتر جراس
إخراج: فولكر شلوندروف
زمن العرض: ١٤٤ ق
تمثيل: أنجيلا وينكلر، ماريو أدوف، ديفيد بننت، شارل أزنافور
عندما عرض فيلم "الطبلة" عام 1979 فى مهرجان "كان" تحمس له النقاد والجمهور على السواء، واعتبرة النقاد من روائع السينما العالمية. وقد حصل الفيلم على جائزة السعفة الذهبية مناصفة مع فيلم " نهاية العالم الآن" لكوبولا. ومع مرور عشرين عاماً على عرض الفيلم فى "كان"، كان من المناسب ان تعاد قراءتة مرة أخرى من خلال الربط بين الجانبين النفسى والسياسى للفيلم، وكيف عبر المخرج عن ذلك باستخدام اللغة السينمائية .
![]() |
أوسكار |
فأغلب اللقطات مأخوذة من زاوية منخفضة موازية لمستوى نظر أوسكار بالأضافة إلى تحديد الألوان فى بعض المشاهد ، مثل مشهد لقاء الجدة بالجد، ومشهد جنازة أجنس، وأيضا المؤثرات الصوتية والموسيقى التى نسمعها والتى تلخص بشكل قوى وجهه نظره فيما يراه وآراءة عن العلاقات الموجودة فى الفيلم.
وبما ان أوسكار يروى قصتة بعد أن عاد ينمو مرة أخرى، فالفيلم كله "فلاش باك" ، والسرد الروائى بالفيلم اخذ شكل دائرى مغلق كالآتى " أ ب جـ ب أ "
أ – لقطة لسيدة فى حقل البطاطس " الجدة"
ب – قرار أوسكر أن يوقف نموة
جـ - فترة توقف نمو أوسكار
ب ـ قرار أوسكار ان ينمو مرة أخرى
أ- لقطة السيدة فى حقل البطاطس .
ويحتوى فيلم "الطبلة" على أحداث خاصة بعائلة أوسكار، وأحداث عامة تتعلق بالمجتمع الدولى فى الحرب العالمية الثانية ، وسنبدأ بتحليل الشخصيات والأحداث التى تمر بها على المستوى الخاص، ثم نربطها بالمستوى العام، فهما وجهان لعملة واحدة.
التحليل النفسى للشخصيات :
الجدة والجد
![]() |
يوسف كولشافك يجري نحو الجدة |
يوسف كولشافك الجد ، رجل قصير عريض المنكبين هارب من العدالة بسبب ولعهُ بحرق الممتلكات العامة .
![]() |
الجدة تخبئ يوسف كولشافك |
![]() |
الشرطة تسأل عن يوسف |
![]() |
الجدة و يوسف مختبئ تحتها |
الجنسى من خلال تعبيرات وجهها وصراخها وتحول كل شىء من حولها الى رموز جنسية " البطاطس الساخنة – غرز السونكى فى البطاطس – الجنديان وكل منهما يشهر السونكى نحو الجدة " .
وهنا أود ان أشير إلى نقطة هامة ، وهى ان الجدة أثيرت بفكرة وجود أكثر من رجل واحد فى
لحظة الاتصال الجنسى ،وعلى مستوى اللاوعى كانت ترغب فى اتصالهم بها جنسيا ولكن هذه الفكرة بقيت مكبوتة عند آنا برونسكى ، لان الجانب الاكبر من حياة الجدة هو الأمومة. فتنورة آنا ، والتى نستطيع ان نعتبرها إمتداداً للرحم ، تُعتبر مكاناً للاحتماء من العالم الخارجى وليس مكانا لممارسة الجنس فقط، فقد كان هدف يوسف كولشافك الاختباء من العالم الخارجى ولكن
الامر تطور الى ممارسة الجنس.
أجنس :
![]() |
أجنس و خلفها يون |
لقد حولت رغبت الجدة فى وجود أكثر من رجل في حياتها إلى حقيقة ملموسة. فقد تزوجت ألفريد الألمانى الأصل وأبقت على علاقتها بخالها يون برونسكى . نجد ايضاُ ان أجنس توحدت مع الأم فى قوة الشخصية والسيطرة. فهى – مقارنة بعشيقها يون برونسكى – قوية البنيان ، ونجدها فى الوضع المسيطر أثناء الممارسة الجنسية فى الفندق وتكاد تكون هى الطرف الإيجابى فى الاتصال الجنسى.
![]() |
رأس الحصان ملئ بالثعابين |
![]() |
أجنس تتقيأ من منظر رأس الحصان |
.
![]() |
يون يداعب أجنس و ألفريد مهتم بالتعابين |
وعندما ننتقل إلى المشهد التالى ، نرى الفريد يحضر الثعابين للغداء ، وتتلوى الاخيرة فى إشارة للعضو الذكرى. ترفض أجنس بشدة أن تأكل الثعابين ، وتدخل الى غرفتها فى حالة انهيار وتدعو الله ان ينقذها من محنتها. ثم يدخل يون الى غرفتها ويداعبها جنسيا فلا تقوى على مقاومته. ثم تخرج بعد ذلك لتأكل من ثعابين البحر
.
.
![]() |
شارل أزنافور في دور التاجر اليهودي |
![]() |
أوسكار و هو يلعب مع تمثال المسيح |
رغبة فى تدمير ذاتها ، لتبدأ فى أكل كميات هائلة من السمك مما يؤدى إلى وافتها فى النهاية ، وتكون نهايتها شديدة الشبة برأس الحصان الميت.
ألفريد ويون :
![]() |
يون و هو في مكتب البريد |
![]() |
يون و هو صغير |
مكتب البريد البولندى .
أوسكار :
![]() |
أوسكار |
فأوسكار يريد العودة الى الرحم، ويعبر عن ذلك بمحاولة الأختباء تحت تنورة الجدة. بل أنه يغار من جنين ميت داخل إناء – فيصرخ نحو الإناء ليتحطم، ويسقط الجنين على الارض. فأوسكار يتمتع عندما يحطم الاشياء ويعتبر ذلك بديلا لخروجه من الرحم. ولكن على الرغم من عدوانية أوسكار نحو العالم الخارجى الذى رآه مقلوباً معكوسأ عندما خرج الى العالم، فهو يريد ان يخرج ما هو جميل فى النفس البشرية، وذلك فى مشهد الاحتفال النازى الذى يتحول الى حفل فالس بسبب قرع أوسكار على الطبلة
أوسكار ونسبه:
![]() |
ألفريد في مقدمة الكادر |
ولكن الجدير بالذكر أن نقول إن هناك دلائل تؤكد إلى حد كبير نسب أوسكار الى يون برونسكى، فقبل ميلاد اوسكار ، عندما نتعرف على العلاقة الغرامية بين يون واجنس، نستمع إلى اللحن الأساسى الخاص بحبهما وعندما ولد اوسكار ، ودخل يون والفريد الى غرفة أجنس تتحدث الاخيرة إلى يون ونستمع إلى نفس اللحن.
ثم يعود اللحن مرة أخرى عندما يخرج اوسكان مع أجنس ويون، ويصبح اللحن أكثر مرحاُ وطفولة ليشمل أوسكار الذى يتوسطهما.
ومع ذلك يجب ان نحتفظ بألفريد كأب لأوسكار ولو على المستوى النفسى فقط فهو يمثل سلطة الاب بالنسبة له، وذلك سيساعدنا على التحليل كثيراُ.
أوسكار وعقدة أوديب:
![]() |
أوسكار ينظر بضيق نحو أمه و يون |
![]() |
يون و أأجنس في حالة إندماج |
فى اعتقادى إذا فسرنا مشكلة أوسكار على أساس عقدة اوديب، فقد نجد تفسيرا مناسباً لتصرفاتة تجاة أجنس ويون وألفريد. فأوسكار كأى طفل يعتبر أنه جزء من أمه، ويعتقد أنها له فقط. وبالتالى عندما وجد أوسكار يون برونسكى يداعب أمه جنسياً، غار منه ونظر إلى أمه ويون بكراهية وأمسك عصى الطبلة ووجهها نحوهما كشكل ضمنى للرغبة فى الانتقام منهما. وعندما رأى يون يداعب أعضاء أمه التناسلية بساقه " يعتبر أوسكار هذا الجزء خاصاً
![]() |
أجنس غير قادرة علي التوقف عن أكل السمك |
به، فهو كان موجوداً فى الرحم قبل ولادتة"، قرر بعدها أن يوقف نموه كنوع من الاحتجاج وإثارة انتباه أمه نحوه، ولكن هذا لم يجدى .واستمر يرى ما يحدث بين يون وأمه أجنس . وقد احست الأم أنه يعرف هذه العلاقة عندما صعد البرج وأخد يصرخ ويقرع الطبلة، فنجدها مرتبكة وهى عائدة. وعندما تموت أجنس من أكل السمك، يحس أوسكار بعقدة الذنب ويحس
![]() |
أوسكار يحتمي بتنورة جدته عند وفاة والدته |
الخارجى ثم قاد يون إلى الموت بشكل مستترعندما دفعة إلى أن يجرى ورائه إلى مكتب البريد البولندى المحاصر ليقبض عليه الألمان ويتم إعدامه
.
![]() |
ماريا |
فمن جاءت كبديل لأمه، استطاع أن يطور علاقته بها كما كان يتمنى ان تتطور مع أمه، ولكن صدم عندما وجد أباه ألفريد يمارس الجنس معها ثم يتزوجها وتنجب منه طفلاً ( يشك
![]() |
أوسكار يرمي الطبلة في قبر والده ألفريد |
أوسكار ممثل النظام المعارض لما يحدث فى العالم والنظام المعارض للنازى بصفة خاصة. فقراره
![]() |
أوسكار و مجموعة الأطفال |
![]() |
طابور الأطفال يعترض الطابور النازي |
نجد ان الأنظمة المعادية للنظام النازى أنظمة غير ناضجة، فالانظمة المعارضة فى الفيلم تتلخص فى البولنديين، وهم عاجزون عن صد الألمان، ثم نري أوسكار وهو يقود مجموعة من الأطفال الذين يغنون أغنية الساحرة ويعترضون طابور الشباب النازى ولكنهم ينضمون إلى النظام النازى بعد فترة وجيزة، ويبتعد أوسكار عنهم. وينضم إلى فرقة بيربى للأقزام وهى فرقة معارضة للنظام ولكن بشكل مستتر، فبيربى ينصح أوسكار بأن يعرض موهبته ويقول له إننا يجب
![]() |
أوسكار و خلفه الأقزام |
![]() |
الجدة مازالت في مكانها في نهاية الفيلم |
مستوى الاحداث العامة:
دنزج كما نعلم من الفيلم ولاية حصلت على استقلالها بعد الحرب العالمية الأولى، و لكن مع صعود الحزب النازى بقيادة هتلر، أصبحت فكرة ضم دنزج، التى يوجد بها مواطنون ألمان بالإضافة إلى البولنديين و الكاشيبيات – وهم المواطنون الأصليون مثل الجدة والأم ؛ فكرة واردة
![]() |
الأم و الجدة ينظران نحو يون و ألفريد |
![]() |
أجنس تتأبط ذراع ألفريد بينما تمسك بيد يون ! |
وهنا ترى أن دنزج كولاية لم تحاول أن تكتفى بإحدى الدولتين، إنما رغبت فى كل منهما مما أدى الى أن تحمل بطفل ( اوسكار) ، يصل إلى ثلاث سنوات فيقرر ان يوقف نموه إحتجاجا على أمه ( دنزج) لعدم اهتمامها به وانشغالها بيون برونسكى البولندى، فدنزج لاهيه عن أبنائها وغير قادرة على رعايتهم وتنشئتهم.
أجنس تندفع فى رغبتها الجنسية الى مدى بعيد مما يجعل الفريد ينضم الى الحزب النازى، حزب القوة والسيطرة ، ليشبع إحساسة بالقوة والسيطرة، وفى نفس الوقت ليكون ذلك محاولة للسيطرة على زوجته أو على دنزج.
وفى مشهد الشاطىء، نجد أن كلا من يون وألفريد يحاول أن يشبعها جنسيا أو بمعنى أخر كل من
![]() |
يون في لحظة أعدامه ينظر إلينا |
التى عشقها برونسكى يصرخ وينادى أجنس، فهى المرأة وهى
![]() |
يون يكشف ورقة الكوتشينة |
ويتلخص حبه هذا فى كارت الكوتشينة الذى يبقى فى يدة كارت البنت ومكتوب عليه D فحرف D مقابل للحرف الأول من كلمة دنزج وهى كلمة امرأة بالالمانية ، فى نفس الوقت كما هو معلوم فى الكوتشينة، ففى كل صورة يتكرر الوجه مرتين؛ مرة أجنس المرأة ومرة دنزج الوطن.
نشرت هذه المقالة في أغسطس ١٩٩٩ بمجلة الفن السابع
No comments:
Post a Comment